الأربعاء، 30 مارس 2011

اربع مقدمات للثورة المصرية

Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

25 يناير 2011 ليس هو التاريخ الحقيقى لبداية ثورة مصر لتحقق عبورها الروحى الثانى بعد ما حققت عبورها الارضى الاول فى 73 ..التاريخ الحقيقى للثورة يبدأ قبل ذلك بعدة سنوات فى 26 يناير 2006 فى إفتتاح كأس الامم الافريقية فى مصر ..وإذا عدنا بالذاكرة قليلا قبل بداية دورة الامم الافريقية سنجد أنه كان هناك تخوف شديد لدى المسئولين وقتها من عدم الاقبال الجماهيرى الامر الذى ادى لطرح اسعار التذاكر بأسعار قليلة ليفاجأ المسئولون واللاعبون والمسئولون بالحشود المصرية التى تملأ المدرجات لتبدأ بعدها أيضا السوق السوداء لتذاكر مباريات مصر فى كأس الامم الافريقية .. سبب المفاجأة لم يكن لامتلأ المدرجات ولكن لنوعية الجمهور الذى ملأ تلك المدرجات وقتها فهو جمهور غير ما تعودت عليه المدرجات المصرية ..كان جمهورا يرسم ألوان العلم المصرى على وجه ويلبسها وينظم الالحان والاغنيات ويكتب اللافتات بكل اللغات العربية والانجليزية والفرنسية والايطالية ويرسم تكوينات بأعداده..وقتها كل ما ذهب إليه عقل المفسرين للظاهرة هو الوقوف وراء منتخبهم المصرى الذى يحمل اسم الوطن ودفعه للفوز باللقب ..لكن تلك الجموع التى ملئت استاد القاهرة وجعلت العالم يصنف الجمهور المصرى على انه اللاعب الثانى عشرة فى المباراة ويجعل اللاعبين يحسبوا له ألف حساب لكل تلك الاسباب السابقة ذهب الجمهور للاستاد لكنها ليست وحدها فتلك الآلاف فى ليلة ذهابها لتهتف بأسم مصر كانت تبحث عن حلم .. تبحث عن نصر ..تبحث عن عزة وحرية ..عن مكان تجتمع فيه وتصرخ فيه بحب الوطن دون أن يصدر بحقها أمر إعتقال حسب قانون الطوارئ ..عن هدف يجتمعوا عليه ويلمسوا لهم دورا حقيقا لتحقيق انجاز ونصر ورفع لشأن وطنهم حتى لو كان فى مباراة لكرة القدم ..لذلك أيضا كان الاحتفال عارما والفرحة جارفة ليبدو كمخزون كبت من الفرحة التى تبحث عن منفذ .. كان الجميع يسعى للتشبث بأمل ..وفى كأس الامم الافريقية فى أنجولا من 10 حتى 31 يناير 2011 تكرر الامر وتكرر الخوف أيضا بسبب أن كأس الامم الافريقية خارج مصر فى أنجولا وظن المسئولون وقتها أن عزيمة الجهور قد فترت ولن تكون بنفس زخم المرة السابقة ..لكن الجمهور لم يخذل فريقه وألتف حوله للدرجة التى دفعت بالآف المصريين للسفر على نفقتهم لحضور مباريات مصر بأنجولا .. وبعد إختفاء للعلم المصرى 4 سنوات منذ كأس الامم الافريقية بالقاهرة فى 2006 عاد للظهور فى الفترة من 10 الى 31 يناير حتى الاحتفالات الاخيرة .

ا

لمقدمة الثالثة لثورة 25 يناير كانت بعد إعلان د.محمد البرادعى نيته للترشح لرئاسة الجمهورية ندا لمبارك فى انتخابات 2011 وهو الامر الذى أعتبره الكثيرون وقتها ضربا من ضروب الخيال إذ يمنع الدستور ترشيح أى شخص بصفة مستقلة فى الوقت الذى أصر فيه البرادعى على عدم إنضمامه لأى حزب وما بين اعلانه عن ترشيح نفسه للرئاسة وتاريخ وصوله الى القاهرة بدأت حملة شعبية لجمع التوقيعات المؤيدة لترشيحه للرئاسة والموافقة على عدة بنود بُنى عليه خطته الانتخابية وجمعت وقتها توقيعات لمليون شخص وتم الاعلان عن جمعية وطنية للتغيير برئاسته وفى تاريخ عودته إلى القاهرة فى 19 فبراير 2010 تحول اليوم الى يوم انتخاب شعبى اذا تكدس الآلاف من المصريين لاستقباله من كل انحاء مصر وتابعته وقتها المحطات الاجنبية وكان التعليق الاول على وصول واحتشاد الآف المصريين عليه هو أنها المرة الاولى التى يجتمع فيها المصريون على شئ دون كرة القدم أو لاستقبال لاعب أو فنان.. وصاحب ذلك الاستقبال درجة عالية من التنظيم من قبل الجمهور نفسه حيث تواجد "الاشر" وتباينت الفئات المجتمعية التى جاءت لاستقباله من الطبقات الثرية حتى المتوسطة وصولا بساكنى القرى الذين جاءوا لاستقباله .. هذا الاحتشاد بحد ذاته كان كفيلا بطرح العديد من علامات الاستفهام ولا أعلم مالذى درا فى عقول أصحاب السلطة وقتها لتفسير ما حدث لكنه كان توق وعطش جماهيرى شديد لأى نوع من التغيير للتجديد لأى محاولة انقاذ بسيطة تنتشل مصر من هوة التوريث المندفعة لها ..لقد كانت الألوف على استعداد لتصديق اى بارقة امل والمساعدة فى انتعاشها وحشد الزخم المطلوب لها مادامت تعد بالتغيير ومادمت ستغير المسار الذى تسعى ايد الحكم وقتها حثيثا لتنفيذه والمضى فيه.
المقدمة الرابعة والاخطر للثورة هى مقتل "خالد سعيد" على ايدى شرطة الاسكندرية والتهمة طوارئ ॥ وهو الحدث الذى نقل زخم كل تلك الاحداث الثلاثة نحو عالم افتراضى وموقع افتراضى وصفحة افتراضية جمعتهم ووصل عددها مشتركيها الى الملايين وهى صفحة "كلنا خالد سعيد" ॥ وبدأت الحملات رويدا رويدا عن طريق الفيسبوك لتنقل الغضب والحنق خارج اطار الحديث الى الفعل ومن الواقع الافتراضى الى الشارع ولتعبر عن الغضب بطريقة حقيقية ولأول مرة يخرج الى الشارع ذلك الشباب غاضبا وصامتا يوم الجمعة 18 يونيو 2010 تحت عنوان " أنا زعلان لأن خالد سعيد اتقتل من التعذيب وهالبس أسود يوم الجمعة" وكانت عبارة عن وقفة صامتة فى كل أنحاء مصر بمحاذاة النيل والبحر يقف فيها المصريون الغاضبون ووجوههم بأتجاه النيل أو البحر فى صمت وقراءة للانجيل والقرآن وكانت هناك تحذيرات موجهة للمشاركين فى هذا الحدث بأن ما يفعلوه لا يخرق القانون وليس من حق اى فرد اعتقالهم او القبض عليهم بسببه والدستور يكفل لهم حرية التجمع والسير فى اى مكان مادام بطريقة سلمية مع التشديد على التهذيب وعدم الدفع بمواجهة مع قوات الامكن لان هذا هو ما يرجونه لإجهاض حركتهم. الوقفة الثانية لخالد سعيد كانت الجمعة 25 يونيو 2010 تحت عنوان "يوم الملابس السوداء والوقفة الصامتة على ضحايا التعذيب في مصر" وكانت فى كل أنحاء مصر بنفس الشكل السابق .. الوقفة الثالثة كانت الخميس 15 يوليو 2010 وكانت كل تلك الوقفات توثق بالصورة والفيديو لعرضها على صفحة الفيسبوك لاحقا وكانت بالتأكيد تتعرض للملاحقة الامنية والمضايقات . وفى الجمعة 23 يوليو 2010 تم تحديد ليكون يوم لثورة الصمت وكان اول استخدام مباشر للفظ الثورة وتم التنبيه على كل المشاركين بأننا سندفع لنزول قيادات امنية وقت اجازتها فستكون مثارة تجاهنا وعليه يجب مراعاة الحد الاقصى من ضبط النفس وعدم التجاوز مهما تجاوزوا وقد شارك فى هذا اليوم د.البرادعى بوقفة على كورنيش النيل .. وبالفعل مر اليوم بالعديد من المضايقات من جانب الامن ومن قبل بلطجيتهم إلأ انه اجمالا مر بسلام وفى يوم 20 اغسطس تم الاعداد لوقفة تزامنت مع حلول شهر رمضان تحت عنوان "وقفة رمضان بدون قانون طوارئ وتضامنا مع خالد سعيد" ..واستمرت تلك الوقفات مرورا بالانتخابات التشريعية الذى تم الاقتراح فيها بالذهاب الى اللجان الانتخابية واتلاف الصوت عن طريق وضع اسم خالد سعيد فى خانة المرشح ..وفى الجمعة الاولى من يناير 2011تم عمل وقفة على نيل وكورنيش مصر حدادا على ارواح ضحايا تفجير كنيسة القديسيين مع توجيه الاتهام لتراخى الامن.
الحملة دي هدفها هو اننا نفهمهم اللي بيحصل في شوارع مصر اللي هما كمسؤولين مش بينزلوها ونديهم فرصة يصلحوا اخطاءهم يمكن يبطلوا قطع كهرباء على المواطنين .. عواميد النور بتفتح في النهار وبتقفل بالليل .. والحملة دي هيتم تغطيتها اعلاميا في القضائيات وهنبعت الصور لكل المواقع.

المطلوب بكل سهولة: إنك تستخدم موبايلك أو الكاميرا بتاعتك وصور صورة لعواميد نور منورة في فترة الصبح .. وابعت الصورة دي على الصفحة هنا بتاعة الايفنت وحدد الشارع والوقت واليوم اللي اخدت فيه الصورة

هنجمع الصور وهنراسل كل قنوات التلفزيون والجرائد والمجلات .. عشان الحكومة بدل ما هما طالعين يقولوا المواطن هو السبب يعرفوا الاهمال والفساد اللي في وزارة الكهرباء والمحليات ويعرفوا الأماكن اللي فيها النور مفتوح عشان يقفلوه!

يا ريت كلنا نشارك .. ويكون فيه اكتر من ١٠٠ الف مصري ايجابي شغال في الحملة دي عشان نفهمهم اننا ناس متعلمة مينفعش يضحكوا علينا بشوية تصريحات! وكانت فى كل مرة يتم تحديد موعد لمحاكمة المتهمين بقتل خالد سعيد كان يتم الدعوة الى وقفة احتجاجية أمام محكمة الاسكندرية كان أخرها يوم السبت 22 يناير 2011 أى قبل مخاض الثورة بثلاثة أيام .. وعودة أكثر الى الوراء لا يمكن انكار حدث مهم وأول فى تاريخ المصريين وهو يوم 6 ابريل 2009 وهو اليوم الذى دخل فيه الى قاموس المصريين للمرة الأول كلمة "إضراب" وهو الاضراب الذى تم احتجاجا على الارتفاع غير المبرر للاسعار والبنزين وقانون الطوارئ والحريات. إلى أن جاء يوم 25 يناير بعد نجاح ثورة تونس فى 14 يناير بعد شهر من وفاة "بوعزيزى" الامر الذى دع بالشباب للتأمل ..هل ثار التونسيون من أجل "بوعزيزى" واحد ونحن دفاتر يومياتنا يمتلئ بأبو عزيزى بالملايين وتم اختيار يوم عيد الشرطة ليتصاحب الاحتجاج على سلوك الداخلية تجاه الشعب والذى تعدى كل حدود المسموح واللائق ولم يستثنى احد فى رسالة أنه إذا كان يوم 25 يناير تكريما لضباط ماتوا فداءا للوطن فهو اليوم احتجا على ضباط يقتلوا ازهار الوطن ليعيشوا هم وكانت الثورة الاولى فى تاريخ العالم المعدة بتاريخ اعلانم مسبق ليس سريا ويتم الاعلان عن اماكن التجمع علنا وكذلك ارقام تليفونات لنجدة من يقبض عليه علانية بالاضافة الى ارقام اطباء ليتوجه المصابون اليهم حتى لا يعالجوا فى المستشفيات ويسهلوا قبض الشرطة عليهم إذ كانت تسلم المستشفيات مصابي المظاهرات الى الشرطة .

لا أدرى حقا مالذى دار فى أذهان المسئولين وقتها والمتابعين للشأن الداخلى المصرى وردة فعلهم تجاه كل ما الاحداث السابقة ..هلى أعتبروه"شغل عيال" على حد قولهم أم "ناس فاضية ومرفهة وماورهاش حاجة" أم "تفريغ غضب وكبت فقط " لا ادرى هل سخروا منا أم اخذونا على محمل الجد أم اعتبروا اننا قارتان قارة نقول نحن فيها ما نشاء وقارة اخرى هم الاسياد فيها يقرروا ما يشاؤا هم علينا دون ان نملك حق الاعتراض او التفاوض .. هلى فقدوا الامل فينا الى هذه الدرجة التى استضعفونا فيها فى الوقت الذى كنا نعلن فيه عن خططنا علانية بنيتنا للقيام بثورة لاسقاط النظام .. هل تصوروا حقا أن فى وسع اى قوة ان تقف امام الثورة ..إن الثورات لا تقمع ..هى كالسيل الجارف الذى يأخذ فى طريقه طل ما يتصدى له والافضل ان تنحنى وتنضم فى ركابها .. بعد الانتخابات التشريعية الاخيرة وما صاحبها من تزوير مفضوح لم يتحملوا عناء إخفاءه تم الاعداد لةقفة احتجاجية امام دار القضاء العالى كان لها شعار واحد .."دى آخر الوقفات والجاى كله مظاهرات"..إن الثورة وثوارها لم يدخروا جهدا للعلان عن ثورتهم وغضبهم وقرب حلول نقطة النهاية لكن الى هذه الدرجة صم النظام السابق آذانه وسواء استوعب الدرس وقتها أم لم يستوعب فقد انتهى الدرس .





الأربعاء، 23 مارس 2011

عندما واجه "تسونامى " رجل العالم الذكى.

رغم أن اليابان هى من تعرضت لكارثة تسونامى وعلى شفا كارثة نووية فيبدوا انها ايضا من عليها ان تهدأ روع العالم من المشاهد المفزعة التى تبث عن الجدمار الذى خلفه تسونامى وراءه باليابان .. فرغم لحظات الفزع التى اجتاحت اليابان فى لحظات الموجات الاولى إلا ان اليابانيون سرعان ما استردوا رباطة جأشهم واستعادوا ملامح وجوههم الهادئةالساكنة ..

فالكارثة التى أطاحت باليابان هى الاعنف منذ 140 عاما وبلغت فيها حصيلة القتلى الى 8133 و و12 الفا و272 مفقودا هذا بالنسبة لتونامى أما بالنسبة لكارثة الخطر النووى الذى بدأ بارتفاع فى درجة حرارة مفاعل فوكوشيما ثم وصل الى تسرب اشعاعى ادى الى اطلاق تنبيهات بتأثر المحصول الزراعى لليابان وتسربه الى الاغذية الامر الذى دفع باليابانيين فور حدوث كارثة تسونامى الى اللجؤ الى الاسواق وتخزين اكبر كمية من الطعام .

ولطبيعة اليابان فإن الاطفال يتعلمون منذ نعومة اظفارهم كيفية التعايش مع الزلازل والتكيف معها لذلك والقول على لسان جريدة "نيويورك تايمز" فرغم الخسائر والاضرار التى منيت بها اليابان فإنها الاقل على مستوى كل التوقعات ولولا الدقة والحزم والمراقبة اليابانية والالتزام الصارم بكل قواعد البناء ومراعاة شروط السلامة لتضاعفت الكارثة آلاف المرات .. فاليابانيون شعب يعيش على الحافة ومتأهب للسقوط يتعامل مع الحياة بجدية واضحة وفور استيعابه للأزمة لم يبالى لمشاهد الدمار الذى خلفها "تسونامى " ولكن شمر عن ساعديه وبدأ فى بناء ما تهدم من منازل ومصانع وبدأ يعيد رسم جغرافية المكان الذى غيرها الزلزال..فقد بدأ اليابانيون الاستعداد للعودة الى العمل والتأهب لامتصاص الهزات الارتدادية والامطار الاشعاعية المنتظرة الامر الذى دفع بالسكان للسؤال عن كيفية التعامل معها فقد اكد مساعد مدير مكتب رئيس الوزراء الياباني "تيتسورو فوكوياما" لشبكة التلفزيون الحكومية "ان اتش كي" ان "المستويات الحالية لا تشير الى اي ضرر محتمل للصحة". واضاف "لا تقلقوا، استخدموا مظلات واذا ابتللتم بالامطار فقوموا بازالتها"...كما أعلنت شركة نيسان اليابانية للسيارات عزمها معاودة حركة الإنتاج المحلي بعد توقفه بسبب تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان فى الحادى عشر من الشهر الحالي وموجات المد العاتية "تسونامي" التي أعقبته وتعليقه بشكل جزئى كما ستستأنف شركة هوندا الجزء الاكبر من طاقتها الإنتاجية الخميس المقبل بعد ان بدأت شركة تويوتا استئناف الإنتاج في أغلب مصانعها المحلية الاسبوع الماضى.

والمتابع لردود افعال الصحف والانباء العالمية سيجد ان صرخات الهلع والاستنجاد هى من تصدر من جميع انحاء العالم واليابان تكتفى بالتهدئة ..فوسائل الاعلام الاوربية كانت ولاتزال تبشر بكارثة "تشيرنوبل" جديدة وتحث مواطنيها على سرعة مغادرة الاراضى اليابانية وترك دراستهم الجامعية لانقاذ ارواحهم فالعالم على شفا كارثة ..واهتمت وكالات الاعلام الامريكية بالبحث عن افضل الطرق لتأمين عودة مواطنيها من اليابان ..بينما ترصد إحدى المصريات العائدات من اليابان ردود فعل الشعب اليابانى فتقول "اليابانيون هم الافضل على الاطلاق فى التعامل مع الكارثة فقد سألت إحدى صديقاتها عما إذا كانوا مرعوبين لترد بإبتسامة هادئة "لا..نحن جميعا سنكون بخير ..زوبعة وستمر " ورغم ان احدى صديقاتها اليابانيات لها ابن عم يسكن فى منطقة الزلزال فقد ردت على سؤالها بإبتسامة قائلة "ابن عمى حى .. لقد خسروا فقط منزلهم وكل ممتلكاتهم ..لكنهم مازالوا احياء"

لقد اعتاد اليابانيون على الكوارث بداية من هوريشيما وناجازاكى الى الزالزل االيومية وصولا بما نراه منهم الآن وثقافاتهم تعتمد فى الاساس على الايثار فرغم ما يحدث فى المدن الساحلية فى اليابان فإن انظارهم الايام الماضية كانت معلقة على 50 عاملا بموقع توليد كهرباء "فوكوشيما " خاطروا بحياتهم من اجل اعادة الوضع تحت السيطرة ..كما سارعت الحكومة اليابانية بالتأكيد على الحكومة المصرية بأنها ليس لديها أى نية لسحب او التراجع عن نية تمويل عدة مشروعات للنقل بمصر .

إلا أن الهلع العالمى يبدو ان له ما يبرره فالمتوقع أن تشهد اليابان خسائر فادحة البنى التحيتة لصناعة تكنولوجيا المعلومات حيث سيطال الضرر شركة "أبل" ومنتجها الجديد من "آي باد" وسط توقعات بعدم القدرة على تلبية احتياجات السوق من المبيعات..بالاضافة الى ما سيشهده العالم من نقص للهواتف الذكية والرقائق الاليكترونية خصزصا بعد إعلان شركة "سوني للإلكترونيات"عن عدم إمكانية جميع فروعها صيانة أجهزة "بلاي ستيشن 3" نتيجة انقطاع التيار الكهربائى بعد توقف العمل تماماً داخل ورشتين تابعتين لـ"سوني" إحداهما تُصنع بطاريات "ليثيوم آيون"، والأخرى تختص بصناعة "الليزر ديود" موصلات ليزر ثنائية خاصة بـ"بلو راى" وسط تنبؤات بارتفاع أسعار شرائح الذاكرة المستخدمة في كل من الهواتف المحمولة وكاميرات التصوير وأجهزة تسجيل الفيديو، جراء النقص الحاد الذي ستشهده عدة صناعات في القطع والمكونات.
وللقلق الامريكى ايضا ما يبرره فحوالي 15 في المئة من جميع السيارات المباعة داخل الولايات المتحدة الأمريكية يتم تصنيعها في اليابان، فضلاً عن اعتمادها على الأجهزة الإلكترونية اليابانية ولن تقتصر الخسارة على مستوردي سيارات "تويوتا" و"هوندا" فحسب، بل تتأثر أيضاً وبشكل كبير الشركات الأمريكية العملاقة، مثل "جنرال موتورز" و"فورد" و"كريسلر" بسبب اعتماد مثل هذه الشركات على قطع ومكونات يابانية الصنع.
وللرعب الهوليوودى مبرر أخر ..فبعد تأجيل تصوير الجزء الرابع من "تويلايت" بسبب الكارثة أعلنت عدة شركات إنتاج تراجع أرباحها بنسبة 60% مقارنةً بأرباح العام الماضى للفترة نفسها كما أعلنت شركة ديزنى، أن فيلمها "Tangled " عرض فى 156 دور عرض وحقق أرباحا بقيمة 1.6 ملايين دولار فقط خلال نهاية الأسبوع وحقق فيلم "The Tourist" أرباح 1.3 ملايين دولار، مما يعنى أن قيمة أرباحه عن الأسبوع الأول لعرضه انخفضت بنسبة 65%..

ويبدو أن صديق العالم الذكى ظل ولايزال يكتسب احترام العالم أجمع فبعد نشر رسم كارتونى يصور البطل اليابانى الشهير "اولترمان" يهرب من وجه تسونامى الامر الذى احزن اليابانيين لتخييب تلك الصورة صورتهم الذهنية عن انفسهم لديهم ولدى العالم مؤكدين أنهم لا يهربون ابدا من امام الكوارث او الازمات بادرت الصحيفة الماليزية التى سبق لها نشر الكارتون بالاعتذار الى الشعب اليابانى قائلة "ليس لدينا نية للاستهزاء بالكارثة التي وقعت الجمعة الماضي ..نحن نشعر بالحزن إزاء المواطنين اليابانيين الذين فقدوا أفرادا من أسرهم أو ممتلكاتهم، كما أن رسام الكرتون يرغب في الاعتذار عن الرسم الذي أثار الجدل. ونحن نعرب عن تعاطفنا الشديد في هذه المأساة ومرة أخرى نريد أن نعتذر عن الغضب الذي تسبب فيه نشر هذا الرسم".

لا أدرى لماذا استدعت الذاكرة فجأة حينما رأيت امبراطو اليابان العظيم حقا يعزى شعبه على شاشات التلفاز اليابانية وستحثهم على النهوض ويستقبلهم بالدفء ويضع يده فى ايدهم لاعادة إعمار ما تهدم مشهد دخول قوات ما يسمى بـ"درع الجزيرة" الى البحرين بعدما استقوى بهم الملك على شعبه ليستقبلهم بالرصاص والحصار ويطل عليهم متوعدا ..شتان ما بين مشهدان احداهما قادم من البحرين والأخر من اليابان .

Sara Alsherif