الأربعاء، 23 مارس 2011

عندما واجه "تسونامى " رجل العالم الذكى.

رغم أن اليابان هى من تعرضت لكارثة تسونامى وعلى شفا كارثة نووية فيبدوا انها ايضا من عليها ان تهدأ روع العالم من المشاهد المفزعة التى تبث عن الجدمار الذى خلفه تسونامى وراءه باليابان .. فرغم لحظات الفزع التى اجتاحت اليابان فى لحظات الموجات الاولى إلا ان اليابانيون سرعان ما استردوا رباطة جأشهم واستعادوا ملامح وجوههم الهادئةالساكنة ..

فالكارثة التى أطاحت باليابان هى الاعنف منذ 140 عاما وبلغت فيها حصيلة القتلى الى 8133 و و12 الفا و272 مفقودا هذا بالنسبة لتونامى أما بالنسبة لكارثة الخطر النووى الذى بدأ بارتفاع فى درجة حرارة مفاعل فوكوشيما ثم وصل الى تسرب اشعاعى ادى الى اطلاق تنبيهات بتأثر المحصول الزراعى لليابان وتسربه الى الاغذية الامر الذى دفع باليابانيين فور حدوث كارثة تسونامى الى اللجؤ الى الاسواق وتخزين اكبر كمية من الطعام .

ولطبيعة اليابان فإن الاطفال يتعلمون منذ نعومة اظفارهم كيفية التعايش مع الزلازل والتكيف معها لذلك والقول على لسان جريدة "نيويورك تايمز" فرغم الخسائر والاضرار التى منيت بها اليابان فإنها الاقل على مستوى كل التوقعات ولولا الدقة والحزم والمراقبة اليابانية والالتزام الصارم بكل قواعد البناء ومراعاة شروط السلامة لتضاعفت الكارثة آلاف المرات .. فاليابانيون شعب يعيش على الحافة ومتأهب للسقوط يتعامل مع الحياة بجدية واضحة وفور استيعابه للأزمة لم يبالى لمشاهد الدمار الذى خلفها "تسونامى " ولكن شمر عن ساعديه وبدأ فى بناء ما تهدم من منازل ومصانع وبدأ يعيد رسم جغرافية المكان الذى غيرها الزلزال..فقد بدأ اليابانيون الاستعداد للعودة الى العمل والتأهب لامتصاص الهزات الارتدادية والامطار الاشعاعية المنتظرة الامر الذى دفع بالسكان للسؤال عن كيفية التعامل معها فقد اكد مساعد مدير مكتب رئيس الوزراء الياباني "تيتسورو فوكوياما" لشبكة التلفزيون الحكومية "ان اتش كي" ان "المستويات الحالية لا تشير الى اي ضرر محتمل للصحة". واضاف "لا تقلقوا، استخدموا مظلات واذا ابتللتم بالامطار فقوموا بازالتها"...كما أعلنت شركة نيسان اليابانية للسيارات عزمها معاودة حركة الإنتاج المحلي بعد توقفه بسبب تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان فى الحادى عشر من الشهر الحالي وموجات المد العاتية "تسونامي" التي أعقبته وتعليقه بشكل جزئى كما ستستأنف شركة هوندا الجزء الاكبر من طاقتها الإنتاجية الخميس المقبل بعد ان بدأت شركة تويوتا استئناف الإنتاج في أغلب مصانعها المحلية الاسبوع الماضى.

والمتابع لردود افعال الصحف والانباء العالمية سيجد ان صرخات الهلع والاستنجاد هى من تصدر من جميع انحاء العالم واليابان تكتفى بالتهدئة ..فوسائل الاعلام الاوربية كانت ولاتزال تبشر بكارثة "تشيرنوبل" جديدة وتحث مواطنيها على سرعة مغادرة الاراضى اليابانية وترك دراستهم الجامعية لانقاذ ارواحهم فالعالم على شفا كارثة ..واهتمت وكالات الاعلام الامريكية بالبحث عن افضل الطرق لتأمين عودة مواطنيها من اليابان ..بينما ترصد إحدى المصريات العائدات من اليابان ردود فعل الشعب اليابانى فتقول "اليابانيون هم الافضل على الاطلاق فى التعامل مع الكارثة فقد سألت إحدى صديقاتها عما إذا كانوا مرعوبين لترد بإبتسامة هادئة "لا..نحن جميعا سنكون بخير ..زوبعة وستمر " ورغم ان احدى صديقاتها اليابانيات لها ابن عم يسكن فى منطقة الزلزال فقد ردت على سؤالها بإبتسامة قائلة "ابن عمى حى .. لقد خسروا فقط منزلهم وكل ممتلكاتهم ..لكنهم مازالوا احياء"

لقد اعتاد اليابانيون على الكوارث بداية من هوريشيما وناجازاكى الى الزالزل االيومية وصولا بما نراه منهم الآن وثقافاتهم تعتمد فى الاساس على الايثار فرغم ما يحدث فى المدن الساحلية فى اليابان فإن انظارهم الايام الماضية كانت معلقة على 50 عاملا بموقع توليد كهرباء "فوكوشيما " خاطروا بحياتهم من اجل اعادة الوضع تحت السيطرة ..كما سارعت الحكومة اليابانية بالتأكيد على الحكومة المصرية بأنها ليس لديها أى نية لسحب او التراجع عن نية تمويل عدة مشروعات للنقل بمصر .

إلا أن الهلع العالمى يبدو ان له ما يبرره فالمتوقع أن تشهد اليابان خسائر فادحة البنى التحيتة لصناعة تكنولوجيا المعلومات حيث سيطال الضرر شركة "أبل" ومنتجها الجديد من "آي باد" وسط توقعات بعدم القدرة على تلبية احتياجات السوق من المبيعات..بالاضافة الى ما سيشهده العالم من نقص للهواتف الذكية والرقائق الاليكترونية خصزصا بعد إعلان شركة "سوني للإلكترونيات"عن عدم إمكانية جميع فروعها صيانة أجهزة "بلاي ستيشن 3" نتيجة انقطاع التيار الكهربائى بعد توقف العمل تماماً داخل ورشتين تابعتين لـ"سوني" إحداهما تُصنع بطاريات "ليثيوم آيون"، والأخرى تختص بصناعة "الليزر ديود" موصلات ليزر ثنائية خاصة بـ"بلو راى" وسط تنبؤات بارتفاع أسعار شرائح الذاكرة المستخدمة في كل من الهواتف المحمولة وكاميرات التصوير وأجهزة تسجيل الفيديو، جراء النقص الحاد الذي ستشهده عدة صناعات في القطع والمكونات.
وللقلق الامريكى ايضا ما يبرره فحوالي 15 في المئة من جميع السيارات المباعة داخل الولايات المتحدة الأمريكية يتم تصنيعها في اليابان، فضلاً عن اعتمادها على الأجهزة الإلكترونية اليابانية ولن تقتصر الخسارة على مستوردي سيارات "تويوتا" و"هوندا" فحسب، بل تتأثر أيضاً وبشكل كبير الشركات الأمريكية العملاقة، مثل "جنرال موتورز" و"فورد" و"كريسلر" بسبب اعتماد مثل هذه الشركات على قطع ومكونات يابانية الصنع.
وللرعب الهوليوودى مبرر أخر ..فبعد تأجيل تصوير الجزء الرابع من "تويلايت" بسبب الكارثة أعلنت عدة شركات إنتاج تراجع أرباحها بنسبة 60% مقارنةً بأرباح العام الماضى للفترة نفسها كما أعلنت شركة ديزنى، أن فيلمها "Tangled " عرض فى 156 دور عرض وحقق أرباحا بقيمة 1.6 ملايين دولار فقط خلال نهاية الأسبوع وحقق فيلم "The Tourist" أرباح 1.3 ملايين دولار، مما يعنى أن قيمة أرباحه عن الأسبوع الأول لعرضه انخفضت بنسبة 65%..

ويبدو أن صديق العالم الذكى ظل ولايزال يكتسب احترام العالم أجمع فبعد نشر رسم كارتونى يصور البطل اليابانى الشهير "اولترمان" يهرب من وجه تسونامى الامر الذى احزن اليابانيين لتخييب تلك الصورة صورتهم الذهنية عن انفسهم لديهم ولدى العالم مؤكدين أنهم لا يهربون ابدا من امام الكوارث او الازمات بادرت الصحيفة الماليزية التى سبق لها نشر الكارتون بالاعتذار الى الشعب اليابانى قائلة "ليس لدينا نية للاستهزاء بالكارثة التي وقعت الجمعة الماضي ..نحن نشعر بالحزن إزاء المواطنين اليابانيين الذين فقدوا أفرادا من أسرهم أو ممتلكاتهم، كما أن رسام الكرتون يرغب في الاعتذار عن الرسم الذي أثار الجدل. ونحن نعرب عن تعاطفنا الشديد في هذه المأساة ومرة أخرى نريد أن نعتذر عن الغضب الذي تسبب فيه نشر هذا الرسم".

لا أدرى لماذا استدعت الذاكرة فجأة حينما رأيت امبراطو اليابان العظيم حقا يعزى شعبه على شاشات التلفاز اليابانية وستحثهم على النهوض ويستقبلهم بالدفء ويضع يده فى ايدهم لاعادة إعمار ما تهدم مشهد دخول قوات ما يسمى بـ"درع الجزيرة" الى البحرين بعدما استقوى بهم الملك على شعبه ليستقبلهم بالرصاص والحصار ويطل عليهم متوعدا ..شتان ما بين مشهدان احداهما قادم من البحرين والأخر من اليابان .

Sara Alsherif








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق