الاثنين، 21 مارس 2011

د.فريد فاضل ..رجل من عصر النهضة.



فى اليوم الذى ألتقيت فيه بد.فريد فاضل علمت أن يومى كان مميزا..لأننى جلست فيه مع رجل غيرعادى لأقصى درجة .. الحديث معه عبارة عن نوتة موسيقية جميلة تعزف ايقاعاتها بريشة فنان ..يستطيع أن يضفى شاعرية ساحرة لتعلو فوق جمود أى مكان وواقعيته .. كنت أعلم عنه الكثير قبل الذهاب إليه ورغم ذلك فعندما قابلته علمت أنى لم أعلم شيئا عنه.. فالانبهار الذى قد يقابله شخص به لايقابل من جانبه سوى بتواضع وبساطة جمة ..وبعد أن انهيت حوارى معه كنت شديدة الفخربأنه مصرى ومن وطنى ..هو د.فريد فاضل الذى وصف من قبل الكثيرين بأنه رجل عصر النهضة الحقيقى..فهو طبيب وفنان وموسيقى ويتعامل مع مواهبه الثلاثة بجدية شديدة ..فى الخامسة عشرمن عمره حصل على "ميدالية البابا" من الفاتيكان من بين 50000 مشارك على مستوى العالم..سافر بمعارضه الفنية جميع أنحاء العالم .. وقد تم اختيار واحدة من أجمل رسومه لوضعها على الغلاف الخلفى للنشرة التعريفية بنجيب محفوظ فى جائزة نوبل عام 1988..كما شارك د.فريد فاضل بمعرض ضمن جماعة "دعوة للسلام" أثناء حرب الخليج الاولى ،كما شارك بمعرضين انسانيين لدعم ضحايا الزلزال عام 1992 ، نجح لثلاثة أعوام متتالية فى المشاركة فى معرض "الطبيب والفنان" وحصل على جائزة الوشاح الازرق عام 1997 .. وله نظرية فى "الطبيعة الجمالية المتكاملة"..وبالنسبة للموسيقى فقد درس الكمان مع البروفسير "ادولف مونسييه" لثمانى سنوات وفى الستة عشرعاما الأخيرة درس البيانو بنفسه ويعزف من باخ حتى شوبان ويقيم حفلات للعزف على البيانو فى مصر والولايات المتحدة الامريكية ..كما يغنى أيضا من طبقتين مختلفتين وأهتمامه الاساسى حفلات الكورال ..بالاضافة إلى هذا كله فقد تخرج من كلية الطب وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة عام 1981 ثم حصل على ماجستير طب و جراحة العيون جامعة القاهره عام 1987 ثم حصل على الدكتوراه بعد مناقشة رسالته ( بعنوان الكيمياء المناعية لرقعة القرنية المرفوضة ) فى جامعة القاهره عام 1998و يعمل حاليا اخصائى طب و جراحة العين بمعهد الرمد التذكارى بالجيزه.

هل أفاد فنك تخصصك فى طب العيون ؟

أولا..كلاهما يتنافسوا على وقت الإنسان كله .. فالطبيب عموما يحتاج وقته كله من أجل مرضاه ولديه مستشفى فى الصباح وعيادة بعد الظهر .. لكنى قمت بترتيب حياتى بشكل أستطيع فيها أن أمارس فيها فنى ..ثانيا طب العيون بالذات يهتم بالبصريات وهناك علاقة كبيرة جدا بين البصريات والفن التشكيلى لأن الوسيط فى الاثنين هو حاسة الابصار..لذلك فطب العيون أفاد فنى فهو يعلمنا نظريات الألوان والبعد الثالث ..يعلمنا فى فسيولوجية الأبصار كيف ترى شبكية العين الألوان وحركة الأشياء ..واللوحة هى إيهام بالواقع والحقيقة ..وعندما نفهم الخلفية العلمية للابصار نستطيع إستخدام الالوان والابعاد واللون ودرجاته والإضاءة والظل فى اللوحة لإيهام المشاهد بالحقيقة وجعل المشاهد يغوص فى اعماق اللوحة ويجد شيئا حقيقى بها.

ماهى الرسوم التى رسمتها فى أول معرض لك فى الثالثة عشر؟

كل إهتماماتى رسمتها ..الحياة فى مصر وخارج مصر .

وكيف عرضت أعمالك فى هذه السن الصغيرة ؟

.أهلى وقتها أخذوا أعمالى وذهبنا إلى فصر ثقافة قصر النيل وكنت وقتها فى الثانية عشر وشاهد رسوماتى المدير هناك وكان وقتها "هانى جابر" وأعجب بأعمالى بعدها ألتحق بأتيليه قصر الثقافة وأقترح على أن أرسم مع الفنانين فى الاجازة الصيفية ..ونشاهد ما هى النتيجة.. وبالفعل فى الاجازة رسمت معهم والمشرفين كانوا معجبين بأعمالى ..وعلى شهر سبتمبر فى نفس العام قمت بمعرضى الفنى الأول وكنت وقتها فى الثالثة عشرمن عمرى ..فالفن كان منأصل فى وعند وصولى إلى الثانوية العامة كنت قد أقمت 5 معارض بالفعل .

ولماذا لم تلتحق بإحدى كليات الفنون بدلا من الطب؟

لأن دراسة الفن فى هذا الوقت لم تعجبنى وأطلعت على مقررات وسيرة آكثر من كلية ولم تعجبنى ..بالإضافة إلى أننى كنت اريد الرسم بواقعية ..وهذا جعلنى أتجه إلى دراسة أخرى ..وشعرت بأن الطب سيكون أفضل لى ..وبه مواد جميلة ..التشريح والفسيولوجيا وهى مواد يمكن إستغلالها بعد ذلك وأوظفها فى فنى ..خاصة أننى كنت مجتهد وكان مجموعى فى الثانوية العامة تعدى المئة ..فالناحية العلمية كنت أحبها ولا أقوم بمذاكرتها تأدية واجب ..ومن الممكن أننى أكتشفت أننى من الاشخاص الذين لديهم توازن بين فصى دماغى الايمن والايسر ..لا يستطيع فص واحد فيهم السطرةى على الآخر أو تسييره.

أنت صعيدى المولد لكنك قاهرى النشاة ورغم ذلك وجدتك أنك فى لوحاتك أكثر تأثرا بالصعيد عن القاهرة؟

يبتسم.. لقد ولدت فى أسيوط وجئت إلى مصر وعمرى سبعة أيام وصحيح أن نشأتى كانت فى القاهرة ولكنى أعتز بأن مولدى كان بالصعيد .. ويمكن ان تقولى لأنى أفتقدت للتواجد هناك ..لأنه مكان أهلى جميعا وهم لم يكونوا قرويين وكانوا فى المدينة ..وكانوا يمتهنوا مهن فى غاية الاحتراف ..فالعائلة نصفها محاماة والنصف الآخر طب.. فكانت العائلة من أعيان أسيوط.. الشئ الآخر يمكن القول أن الريف والصعيد خصوصا لم يتغير بشكل كبير ..فمن خلال قراءتى للمصريات أجد أن طريقة مصر القديمة فى الرى مثلا أو باقى شئونها فإن أكثر الاماكن التى لاتزال أقرب ما يكون إليه هو الصعيد ..وهذا بالنسبة للفنان أقرب الى الملجأ فهو يهرب إلى كل ما هو أصيل وحقيقى فهو بالنسبة إليه معين لا ينضب فهو ملئ بالوحى والإلهام وبعد ذلك قمت بتغطية كل مصر ..فبالنسبة للدلتا أقمت معرض عنه ومعرض عن الاسكندرية ومعرض عن الصعيد ومعرض عن النوبة ومعرض عن الصحراء .. ولم يتبقى سوى القاهرة .. وهو معرضى القادم بعنوان "هنا القاهرة" فى ابريل .

لماذا أهتممت برسم الاشخاص بزيهم الفلكلورى مثل الصياد بزيه والمرأة بزيها الصعيدى أو البدوى أو الفلاحى؟

لأننى عادة ما أهتم بأمر الجذور وهو أمر هام جدا بالنسبة لى..وخاصة حالة الشخص وحالة الهارمونية بينه وبين بيئته وعمله وما بين الاضاءة الموجودة عليه ..و أنا أشعرأن هذه هى عناصر نجاح اللوحة ..وهو ما يجعل المشاهد يدخل فى أعماق اللوحة ولا يمرعليها مرور الكرام ويحدث ما نسميه إرتباط ..عن طريق إستدعاء ذاكرته الحقيقية وذاكرته الحميمية .. فاللوحة بالنسبة لى يجب على اللوحة أن تكون مثل الوردة البلدى ..لا مثل زهرة البيونسيه ..فزهرة البيونسيه تكشف كل اوراقها مرة واحدة.. أما الوردة البلدى تتفتح بالتدريج وتتغير فى كل لحظة وتعطى رائحة جميلة .

كيف تستطيع نقل الملامح بهذه الصورة المعبرة بحيث نشعر وكأنها محفورة ؟

أحيانا أرسم عن طريق موديل أو عن طريق الذاكرة ..لو هم أصدقائى فأنا أستطيع أن أرسمهم ويكونوا هم "موديل" ..فأنا لدى عائلات كاملة من الاصدقاء بالصعيد ..وفى من رسمى مواقف لحظية لأشخاص لم أقابلهم سوى مرة واحدة ..وفى عائلات كاملة بسيطة أعرفها ونتزاور..فهناك بلدةى صغيرة بجانب أخميم على النيل كثير جدا من اللوحات التى رسمتها لأناس من تلك البلدة ..فهى فكرة أنك إذا لم تستطع التواجد بتلك الاماكن تولد علاقة بين الفنان والمكان وأصحابه .. حتى يكون بعد ذلك إبداعه صادق وحقيقي ولا يكون مجرد فرد هبط من السماء رسم عدد من اللوحات ورحل بعد ذلك.

الوجه ..هو قاسم كبيرلمعظم لوحاتك..فمالذى جذبك فى وجوه الناس؟

الوجه ..عادة ما يعكس ما داخل الشخص .. وما يجذبنى فى الوجه شيئان التكامل بين الوجه ومايرتديه الشخص ثانيا أن يكون الشخص من داخله نقى ..والشخص اللئيم لا يجذبنى على الاطلاق ..فأنا أعرفه من فورى ..بالطبع يمكن أن أبتسم وأتكلم معه ..لكن لا تكون لى علاقة معه ..لكن قد يكون فى شخص بسيط وقلبه طيب جدا..فمثلا صياد الاسكندرية "حمدان" رسمت له أكثر من بورتريه حوالى 7 بورتريهات ..منهم لوحات سافرت الولايات المتحدة.. واشتهر جدا وجهه لماذا ..لأنه رغم كونه أمى لايقرأ ولا يكتب كنا نتقابل بالصدفة البحتة وله مكان هناك أنا أذهب له هناك ..إذا مر ستة أو ٍسبعة أشهر لم أذهب فيها إلى الاسكندرية لا أعرف كيف وصل لعنوانى بها لأجده أملى خطاب قصير لأحد ليرسله لى .. وكلام بسيط جدا ..فهذه البساطة والصدق هى ما يجذبنى فأنا لا أريد منه شيئا ولا هو يريد منى شيئا..وهذا اللقاء العابر أمامى من الممكن أن يؤثر فى الفنان.

منذ متى وأنت ترسم الوجوه؟

منذ أكثر من 40 عاما.

منذ 40 عاما وحتى 2011 مالذى تغيرفى الوجوه المصرية ؟

نظرة الناس تغيرت كثيرا ..والتفاؤل البسيط والصادق والفرحة بالاشياء العادية التى كانت موجودة زمان ..نظرة الحب العادية للجميع تغيرت وأصبح هناك نوع من الخوف والحماية..وأصبحوا يضعوا حاجز ..كما أن الناس أصبحت لا تنظر للشخص بل إلى ما لدى الشخص وهذه بالذات بدأت أشعر بها كثيرا فأنا قارئ جيد للنظرات .. فلم يعدوا ينظروا للتعرف ..والنظرة هى الطلة التى تكشف الروح وما داخل الانسان.. وهذا ما جعل إختيار الوجوه أصعب ..فأصبحت لا أرى الوجه الذى يصلح ليكون بطل اللوحة .. ولابد أن يكون لبطل أو بطلة اللوحة شئ ما يجذب .. وليس بالضرورة وجه .. ولكن قد يكون شخصية عميقة متصالحة مع نفسها..وجمالها ليس فقط خارجى ولكن داخلى ..صحيح الامر أصبح أصعب ولكنه ليس نادر ..موجود ولكن يحتاج إلى البحث .

كم تستغرق فى رسم اللوحة الواحدة؟

على حسب فاللوحة لو تعبيرية فيها أشخاص كتيرأو تفاصيل كتيرتستغرق وقت كبير.

هل كل لوحاتك واقعية أم أن هناك لوحات من نسج الخيال.

الواقع بالطبع يلعب دور رئيسى..لكن هناك بعض اللوحات التى تدخل على الواقعية السحرية وهى التى يكون معظمها حقيقى ولكن هناك إضافات كالواقعية السحرية فى الادب الامريكى اللاتينى ..هذا نوع من اللوحات ..وأنا أميل إلى الفن الذى له علاقة بالواقع ..فمثلا أنا أرسم القاهرة وأريد فى رسمى أن أعيد التصالح إلى هذه المدينة التى امتلئت بالغليان ..ففيها نوع من القبح .. وبدأت لا تعامل أهلها جيدا ولاتنصفهم ..لذلك أعتمد فى رسمى على رمز "الحمامة" وفى اللوحات القادمة ستظهر"الحمامة" بصورة أكبر.

لماذا أشعر أن فى رسمك للقاهرة أخيرا نوع من الصعوبة النفسية بعد مرورك بالدلتا والاسكندرية والنوبة؟

صحيح ..وهو غالبا نابع من لاوعيي الذى يحاول أن يجد أشياء بها هرمونية أكثر وتحدى كبير بالنسبة له ..وفى معرضى فى 86 كان عبارة عن استعراض للحياة فى مصر كان هناك ما لايقل عن 7 لوحات تنوعت ما بين ألوان الزيت والمائيه عن القاهرة الفاطمية والمماليك ولا أزال أذكر بعض المساجد فى القاهرة القديمة والمعارض التى تتناول مصر بصفة عامة وأقمتها فى لندن ومعرض "الايجيبتومانيا" العام الماضى ..وكان به صور لسوق السلاح .

لم تقم أبدا برسم الانسان المعاصر؟

الحقيقة لا..الصور الوحيدة التى اقوم برسمها للانسان المعاصر هى الصور البورتريهات التى تطلب منى.

وما السبب؟

لا يستهوينى .. لأنى أشعر أنه مسطح..احتمال إننى جئت فى زمن خطأ وكان من المفترض أن أولد من قرن فات غالبا.

لماذا الاهتمام العميق بالنوبة؟

لقد قمت بعمل معرض كبير بمجمع الفنون تحت عنوان "احلام الجنوب"لكننى لم أدخل فى عمق التراث لقد زرت بقايا الجنوب ولم أغص بعد ذلك حتى الرحلة التى قمت بها كانت من أبوسمبل لأسوان ورأيت القرى التى اقيمت هناك.. ولقد قابلت وزيرالثقافة الاسبق "ثروت عكاشة " وهو الذى أقترح على عبد الناصر الاستعانة بخبرات خارجية لانقاذ المعابد والآثار الفرعونية ..ومن الممككن أن يكون حديثه معى عن النوبة هو ما ألهب مشاعرى وحمسنى ..وبالنسبة للنوبيين عندما تعرفت عليهم أكثر هذه المرة أحببتهم أكثر..وبدأت وقتها بكل النوبيين حتى المرضى منهم الذين يأتون إلى المستشفى.. ومنهم عرفت معلومات كثيرة عن النوبة ..فقد حكوا لى عن بيوتهم ومنازلهم القديمة وصورها وذكرياتهم ..وتحدثت الى المثقفين النوبيين كل ذلك أثرانى ..وأمدونى بتراث نوبى هائل مثل وشهد شاهد من أهلها.. كل هذا ضاعف من إحساسى بالنوبة بالإضافة إلى الاطلاع على بعض المجموعات الخاصة من الصور النوبية النادرة جدا والتى ألتقطت قبل التهجير ولم تنشر ..وكانت مفاجأة فقد كانت بعض السيدات النوبيات كبار السن يقفن يبكين أمام اللوحات .

قلت أنك درست "مصريات" مؤخرا لماذا؟

مهم جدا ..خاصة فى معرض"إيجبتومانيا".. وهوما ساعدنى فى أن أقابل علماء مصريات على مستوى العالم ..فقد قابلت الألمانى "ديتريش فيلدونج" وهومديرالمتحف المصرى ببرلين.. وهو الذى أعطانى فرصة أن أرسم "نفرتيتى" من الاصل بعدما أغلق المتحف أبوابه آعطانى ساعاتان وحدى مع الملكة ..والشخص الثاتى الذى تعلمت منه وأعتز به وهو "فيفيان دافيس" وهو رئيس قسم المصريات بالمتحف البريطانى.. وهو أثرى كبيرومعلم فذ فى لندن وطبعا هم لديهم كمية ضخمةة من الآثارالمصرية.. وأحتكاكى بهذين الشخصين أفادنى كثيرا خصوصا "دافيس" ففى لقاءنا لم يكتفى فقط بأن يرينى ما أريده من آثار ولكنه خصص يوم كامل لى لمقابلة اشهر الاثريين وأرونى كمية كبيرة من الآثار المصرية كانت بالمخازن ولم أكن أظن أنهم لديهمكل هذا الكم من الآثا ر الفرعونية.

ماهو رأيك فى حملة إعادة آثارنا من الخارج ؟

الآثار التى خرجت من مصر فى إطار الاتفاقيات والهدايا الرسمية ..ليس من حق مصر المطالبىة بها .. لكن السرقات التى حدثت بعد الاتفاقيات بين الدول .. وأنا غيركل هذا أرى أن الآثار المصرية فى الخارج إهتمام الغرب بها جميل جدا ومحافظتهم عليها فى أغلب الاحيان أكثر من محافظتنا عليها ..وهم بمثابة سفراء لنا بالخارج ودعاية حسنة ..ولم لا.

وماذا عن محاولات العبث بالآثار ..كتجربة وضع جسد عارى تحت رأس "نفرتيتى"؟

هذه الفكرة تمت كجزء من بينالى فينيسيا وهى لم تعرض كذلك ولكن عرضت صورة المحاولة ..والجسد العارى كان مجرد مانيكان وليس جسد به نوع من الشهوة ..بل العكس فقد جاءت الفكرة لمجموعة من الفنانين الهولنديين ومن فكرة التكميل ..ما أريد قوله أن متحف برلين به بالفعل تمثال جسد علرى لنفرتيتى ..بعد أن كبرت فى السن قليلا عن عمرها وقت التمثال النصفى .. والفكرة أن الجسد العارى وضع بصورة مؤقتة ولمدة 3 دقائق فقط .. والبروفسير "ديتريش فيلدونج" أثار معى هذا الموضوع لأنه هو الذى أعطى التصريح بوضع هذا الجسد لثلاث دقائق..وهذا الكلام على لسانه شخصيا ..فلم يشكل خطورة ولا يتعمد التشويه أو السخرية أو التقلقل من شأن عظمة آثارنا.

إلى أى مدى ترى أن الفنان يجب أن ينقل من الوااقع ؟

عندما يكون الفن له علاقة جيدة مع االواقع يضمن الفنان جمهورا ..وهذا شئئ أقوله أن الجمهور يجب أن يكون جزءا من المشكلة ولا ينبغى إحلاله بالكامل كما قى لفن التشكيلى .فأنا أعتقد أن شعارات الفن للفن واللى عاجبه .. فأنا أرى أن العملية الفنية لها أربعة مراحل هى "الاحساس" وهى أن أدرب حواسى ويدى وعينى أن تشعر أكثر من الناس العادية ..ثانى مرحلة وهى "التكوين"وهى الاعتمال الداخل لكل ما نشعر به وثالث مرحلة هى "التعبير" وهى أطولهم وأصعبهم لأنها مقصورة على أدوات بعينها.. وبها نوع من المعاناة وبعد ذلك تأتى مرحلة "الاتصال".لذلك على الفنان أن يضع نصب عينيه الجمهور ..حتى يكون هناك تواصل.

إلى أى مدى يمكن أن تعبر بفنك عما يحدث بمصر الآن؟

أنا كفريد فاضل وكفنان تشكيلى لا أحب أن أنقل الاحداث ..لأنى أشعر أن الاحداث وقتية تتغير..لكنى أحب أن أرسم المفهوم ..قالفكر يتخطى حدود الزمن ويبقى كشئ إنسانى كمفهوم الصداقة والحب والترابط الاسرى هذه المفاهيم لا تنتهى ..لكن أى حدث ينتهى وسيأتى غيره ..لذلك إرتباط الفن عادة وهو شئ طويل المدى بحدث ..يقلل من قيمته .. وهذا رأيى .. ومعرض القاهرة الذى أعد له الآن من قبل أن تظهر أحداث الاسكندرية الاخيرة ..كنت أريد أن أركز فيه على الجوامع والكنائس كفكرة "العلاقة الرأسية بين الانسان وربه" فالدين ليس شئ مظهرى والرموز الدينيةة مع كل تقديرى لاتعكس بالضرورة عمارا بين الانسان وربه ..وهى علاقة بها شئ من الخصوصية والسرية ونوع من الصدق ولايصح التجارة به .. و"الحمام" يلعب دور كبيرجدا فى لوحاتى عن القاهرة تعبيرا عن الامور الروحية فالحمامة هى حمامة السلام .. ورمز للروح فى المقام الأول ويجب أن يظل الدين هكذا لا للتهليل أو تهييج الناس .

وكيف جاءتك فكرة رسم المساجد والكنائس ؟

جائتنى خلال زيارتى لمسجد عمرو بن العاص فى رمضان قبل الماضى ..وذهبت للميضصة وورائها الايوان الرئيسى وكان وقت صلاة الظهر..فبدأ الناس الاستعداد للصلاة وكان هناك شيخ يرتدى جلباب أبيض وتشعرى أنه مع نفسه قليلا ..فصورته عدة صور للمشهد ووقتها كان هناك أكثر من شخص فى أوضاع مختلفة للصلاة فشعرت أنى أريد أن أصنع صورة عن الصلاة وأسميها "بين يدى الله".. وتكون فيها هذه الروحانيات واضحة ..فهى ليست مجموعة من الحركات سواء كانت الصلاة فى الكنسة أو الجامع يجب أن يشعر الشخص بعد أن يفرغ منها أنه فابل الله ..وهناك صورة لشخص يقرأ القرآن فى جامع "الميردانى" والجزء الاوسط منه فيه خضرة وتشعر أول ما تدخله بسكينة خاصة أنه فى الدرب الاحمر حيث عربات النقل الصغيرة والزحام والضجيج .

كيف تكتشف تلك الاماكن؟

عن طريق رحلات ولابد لرحلاتى الفنية أن أكون فيها وحدى ومعى الكاميرا واسكتش الرسم الخاص بى..وقبل ذلك أختار اليوم المناسب فكل يوم بالنسبة لى له لون ..ففى أيام ملونة بألوان السما ..وأحكم عليها عن طريق إحساسى .

نعرف أن أكثر المبدعين يحتاجون إلى العزلة للحفاظ على تلك الهبة ..كيف استطعت الحفاظ على روح الفنان بداخلك دون أن يخدش أو يتأثر أبداعها مع احتكاكك اليومى بالواقع الجاف وعملك كطبيب عيون؟

فعلا الجانب الابداعى فى الفنان حساسة جدا وقابلة للكسر ولابد له من المحافظة عليها وإلا ذهبت منه فى نفس الوقت هى الشئ التى تجعله يرى أبعد من أقرانه وتميزه ..وطبيعة عملى كطبيب يحتك بأوجاع الناس يجعلنى فى الواقع ويجعل قدماى على الارض بدلا ن أن تكون خطواتى على السحاب كآخرين ..لكنى أحميها بنوع من العزلة فأنا من الناس الاجتماعيين وأنا وسط الناس لكنى أقدر خصوصيتى والوقت الطويل الذى أقضيه وحدى فى الابداع لأن عملى به تفاصيل تحتاج الى الهدوء ..والملاذ الذى يصنع العازل هو الموسيقى التى أمارسها فأنا أحب أن أعزف بيانو وكمنجة يوميا.

هل تلقيت أى تقدير من الدولة ؟

قليل جدا ..لأن فكرة التقدير وغيرها هناك تسعى لها للاسف .. وتبعا لمنطق الشلل والصداقات وأنا لست من هذا النوع ولا ييهمنى أبدا ..أنا دائما ما أقول لأولادى أن ما يهمنى هو عندما أموت أن يقولوا هذا الرجل أعطى الكثيرلمصر وأن أعماله خالدة وباقية لم يصنع دعاية لنفسه لكن أعماله شاهدة على أنه فعل شيئا يحفظ جمال هذا الوطن .

ما هى الجوائز التى حصلت عليها؟

أول جائزة لى كانت وعندى 15 عاما فى عام 1973 وكانت مسابقة عالمية فى الفاتيكان وكان البابا بولس ينظمها على أن يرسم الاشخاص مواقف من الكتاب المقدس ..فرسمت أنا لوحة أسميتها"الخطيئة والخلاص" ورسمتها بسرعة وأخذت منى 45 دقيقة بالضبط وأرسلتها وحصلت على الجائزة.. وثانى جائزة كانت أثناء دراستى للطب وكانت مسابقة لجامعات مصر فحصلت على المركز الأول فى الحفر على مصر وحصلت على المركز الثانى فى التصوير فى السنة التى تليها فى الثمانينيات..بعد ذلك اشتركت فى مسابقة فى الولايات المتحدة للطبيب الفنان وكان 55 طبيب فنان أمريكيا واشتركت وحصلت على الجائزة الأولى هناك .

ألم تدرس الفن أبدا دراسة أكاديمية؟

لا..لقد كانت قصة غريبة فبعد أن أقمت معرضى الأول ..أعلى أخذوا أعمالى للفنان "حسين بيكار " وبعد أن شاهدها قال هذه الرسوم مستوى خريج بالفعل منى كلية فنون ومن الممكن أن يدرس أيضا فلا تدعوا أحد يفسده ..وفاتت الايام وأصبحت أنا والفنان "حسين بيكار " أصدقاء جدا لدرجة أننى كنت معه على فراش الموت .. وكان يقول لى "هات الكمنجة" وكنت أعزف له كونشيرتوا لـ"باخ" ولأن إحدى يديه كانت شلت فقد كان يطرق باليد السليمة عليها مصفقا لى .

ويمكن أكثر شئ فادنى هو أحتكاكى بهؤلاء الفنانين ..وهناك أيضا الفنان " سيف وانلى" تعرفت عليه فى روما 1975 .

كيف يمكن للفن أن يغير فى المجتمع؟

الفن له تأثيرهام جدا فهو يتعامل مع الناحية الانسانية والوجدانية والروحية ..فالانسان بعد أن يسدد كل إحتياجاته البيولوجية كف سيفرق عن الحيوان ..هناك أشياء كثيرة أخرى عليه عملها.

كيف يمكن للاهتمام الاسرى بالموهبة أن يحافظ عليها؟

جدا جدا جدا..ويجب أن نربى فى أطفالنا هذه الملكة ..عن طريق التواصل بين الطفل والأبوين كنوع من الاحترام لشخصيته وخصوصيته ..فهو ليس لحمة حمرا تنقل شمالا ويمينا بل لديه فكر لا يظهر إلا إذا اهتم الابوان سواء فى الناحية الفنية أو الناحية الرياضية ..أى الاهتمام به ليس فقط فى الدراسة والاكل والشرب والنوم ولكل قاعدة شواذ فـ"عدلى رزق الله" يقول أن أبواه كانوا يقطعوا لوحاته فأصر أن يصبح فنانا ..وهو حالة نادرة وجد عنده الاصرار ليتخطى كل الحواجز ..لكن القاعدة هى تشجيع الاطفال .

هل ورث أى من ابنتيك موهبتك ؟

كلتاهما الحقيقة والابنة الكبرى بالذات وقد حصلوا على جوائز عدة وهم صغار ॥ وابنتى الكبرى لها أهتمامات بالموسقى والغناء أكثر ولو أهتمت بالرسم أكثر من الممكن أن تحقق نجاحا كبيرا । .فهى ترسم حلو جدا.


Sara ALsherif

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق